الاسبوع 11 , Whitman and the Civil War

مستشفى الولايات المتحدة في محطة سافج ستيشن، فيرجينيا، خلال حملة بنينسيولر في مايو-اغسطس 1862 (المصور: جيمس اف غيبسون)
مستشفى الولايات المتحدة في محطة سافج ستيشن، فيرجينيا، خلال حملة بنينسيولر في مايو-اغسطس 1862 (المصور: جيمس اف غيبسون)
Foreword: 

كتب ويتمان عن الحرب الاهلية بعدة اشكال ومن خلال عدة مواقف. فقد ابقى على العديد من دفاتر الملاحظات الصغيرة التي كان يحملها معه عندما كان يزور المصابين و الجنود المرضى في المستشفيات في العاصمة. و غالبا ما كان يجلس على سرير قرب جندي يعاني، يقوم بتدوين ما اخبره الجندي. من بين دفاتر الملاحظات هذه—التي تدون زياراته لألاف الجنود ، يسجل اسمائهم و الولايات التي جاءوا منها وما هي اصابتهم او امراضهم و غالبا ما يسجل ايضا قصص حياتهم في المعركة—وهكذا شكل العديد من قصائد الحرب الاهلية. ايضا استخدم دفاتر الملاحظات في الكتابات التي ارسلها الى العديد من الصحف (من بينه صحيفة نيويورك تايمز) حول الحرب و حول عمله في المستشفى. بعدها استخدم المواد الصحفية هذه ليشكل كتاب مذكرات خلال الحرب و ايام مختارة. عادة ايضا الى دفاتر الملاحظات عندما كتب رسائله التي تتضمن اقوى كتاباته عن الحرب الاهلية. بالنسبة لويتمان فأنه لا يوجد حدود بين كتابة الملاحظات و الصحافة و الشعر و الرسائل و غالبا ما نستطيع ان نجد نفس الصور تظهر في شعره و نثره، في ملاحظاته او في قصائده. و ومنذ خمسينات القرن التاسع عشر تظهر ميول ويتمان لدمج الشعر و النثر، لكنها تزداد خلال السنوات التي عاشها في الحرب في واشنطن. و غالبا ما يبدو شعره انه اتى من رسائله او من كتاباته الصحفية و مقتطفات من رسائله غالبا ما تبدو ابيات من قصائده.

رسالة ويتمان المميزة الى السيدو مارغريت كورتيس هي ردا على رسالة كتبتها له في الاول من الاكتوبر. ايضا ارسلت للشاعر 30 دولار ووضحت له كيف انها و زوجها ، عضو في مجلس الشورى، قد استمعا الى شخص ما يقرأ بصوت عالي رسالة كتبها ويتمان الى الدكتور ليبارون راسل وهو طبيب في بوسطن الذي ايضا قد ارسل مالا لويتمان لدعم عمله في المستشفى: "لقد استمعنا انا و زوجي السيد كورتيس باهتمام الى رسالتك التي كتبتها مؤخرا الى الدكتور راسل و التي وصلتنا عبر اختي الانسة ستفينسون. وكان تأثيرها ا جعلتنا نرغب في مساعدتك في العمل الخيري الذي تقوم به—الاعتناء بالمرضى و الجنود المصابين. لقد ارسلنا لك 30 دولار و نشعر بالسعادة بأن لدينا الفرصة للمساعدة في دفعهم للتحسن". ما نراه هنا، كما وضح مؤخرا الناقد مارتن بيونيكي، هي شبكة لجمع التبرعات. فرسائل ويتمان للمتبرعين تقدم في الاغلب تفاصيل مؤلمة عن الجنود الذي يعانون و توضح تأثير الهدايا الصغيرة التي استطاع ويتمان على توزيعها في المستشفى نتيجة للأموال التي استلمها. قدم ويتمان تفاصيل المستشفى المرعبة حتى يقرأ متلقين هذه الرسائل مثل الدكتور راسل و مارغريت كورتيس هذه الرسائل الى اصدقائهم و يمررونها الى معارفهم و بالتالي يشجعون مجموعة اكبر لدعم عمل الشاعر. و غالبا ما كان اخو الشاعر الاصغر جيف الذي لم يشترك في الحرب، كان ينسق عملية جمع التبرعات لاخيه والت ويتمان مذكرا اياه لان يكتب الرسائل—كل ما كانت تضم تفاصيل اكثر كل ما كانت افضل—لأي متبرع. وكما اظهر الناقد بيونيكي، طور ويتمان و اخيه شبكة تبرعات تشبه ما تقوم به الجمعيات الخيرية اليوم. المشاعر في رسائل ويتمان و التي عبر عنها بكل مصداقية، جلبت اموالا كافية للسماح لويتمان بالاستمرار بزياراته للمستشفيات و ليكون قرب اسرة 100000 جندي و ليوزع هدايا صغيرة عليهم و يوفر لهم شيئا اكثر اهمية—تعاطفا بين غرباء.

ويتمان تعين من قبل البعثة المسيحية الامريكية و هي منظمة يديرها قساوسة بروتستانتيين و كانت قد تأسست لمساعدة الجنود في المستشفى(وهي تختلف عن البعثة الصحية الامريكية التي خصصت وقتها لعلاج الجنود لإعادتهم الى ساحات القتال). جرأة الشاعر و سمعته كشاعر "غير اخلاقي" و عدم امتلاكه لعضوية الكنيسة جعلت من عمله مع البعثة المسيحية متذبذب، في النهاية اصبح يعمل لوحده موزعا عليهم هدايا دون رقابة، كالكحول و السكائر و الاموال و الحلويات و الايس كريم و الفواكه: الراحة الدينية لم تكن من بين ما قدمه ويتمان لكن بدل من ذلك حاول يقدم لهم راحة جسدية و طبية. فقد جلس قرب الجنود المصابين و عانقهم—الحالات التي قال عنها تحتاج الى انتباه خاص—و قبلهم و عاش في علاقات معقدة معهم—ابوية او اخوية، في بعض الاحيان اباحية لكن على الاغلب كانت من اجل رعاية المصابين و تحضير طعامهم و مساعدتهم على تناول الطعام: "علي ان ابقى هادئا فرحا و ان لا اكشف لاحد عن حالته و التوقف عندهم و الكشف عن تناقضاتهم—فعل اي شيء لهم—اعطائهم حق الشراب و منحهم العاطفة و تهدئتهم و القتال من اجلهم باي سلاح ممكن". حسب ما يراه ويتمان كان يقاتل حربا كل ليلة يقضيها في المستشفى لكن اسلحته كانت العاطفة و الحرب و السعادة التي يمنحها مع الهدايا الصغيرة. الهدف من حرب وتمان هو الحياة و ليس الموت بالرغم من ان الموت كان يحصل. وكان ويتمان يعرف ان عمله في المستشفى حيث لا يوجد الكثير من الزوار هو عمل نابع من الروح الانثوية و منحته القدرة على اعطاء الهدية الافضل وهي السعادة في مكان قطع الاطراف و الدم و الموت. فقد كتب لمارغريت كورتيس يقول "احتاج لان اقول لروحك الانثوية بأن مثل هذا العمل يباركه كما يبارك المصابين. لم اشعر بالسعادة كما شعرت في الساعات التي اقضيها في المستشفى".

—EF

من ويتمان الى مارغريت سينت كورتيس، 4 اكتوبر 1863

واشنطن، ارموري سكوير هوسبتل

مساء الاحد، 4 اكتوبر

سيدتي العزيزة

وصلتني رسالتك هذا المساء مع الثلاثين دولار لأولادي الاعزاء، فقد اصبحوا اعزاء علي، و هم مصابين و مرضى راقدين في مستشفيات الحكومة—اجدني اشكرك بسرعة على رسالتك و مساهمتك الجميلة من بين الرسائل التي وصلتنا للمساعدة—و بعد قضائي ساعات فعلية في المستشفى –و بينما انا اكتب في جناح مليء جيدا فيه شاب عمره 18 عام ينتمي الى الفرقة ام الثانية فرسان نيويورك، اصيب قبل ثلاثة اسابيع في كولبيبر—اصيب بشظية قنبلة في الساق قبل الركبة—جزء كبير من عضلة الساق ممزقة، (قتلت الشظية ساقه)—لكن ليس هناك من عظم مكسور، بالرغم من كبر و عمق الجرح—كنت قد كتبت الى والدته في كوماك سوفلك نيويورك—يجب ان تحصل على رسالة كما لو كانت منه كل ثلاثة ايام—فهذا يسعد الصبي—فلديه اربعة اخوات—واللواتي يجب الكتابة اليهن بين فترة و اخرى—و بالرغم من صغر عمره الا انه دخل في معارك كثيرة و اخبرني بهم جميعا عندما سألته عنها—الصبي ذو طبيعة مرحة—لكن عليه الرقود في الفراش طول الوقت و ساقه في صندوق—احضرت له العديد من الاشياء—لا يقول لي الكثير من كلمات الشكر—الصبي من الريف—دائما مبتسم و يشرق وجهه عندما آتي اليه—ذكرته كعينه من المصابين لأنه قريب علي، استطيع ان ارى ان عينيه مثبتة علي من سريره منذ ان بدأت كتابة هذه الرسالة.

هناك 25 او 30 جناح، ثكنة و خيمة في هذه المستشفى—الجناح الذي انا فيه هو جناح سي، و فيه ستين سرير جميعها مشغولة—معظم الاجنحة الرئيسية فيها نفس العدد—وهكذا ترين ان المستشفى هي مؤسسة كبيرة—فهي تمتلك شرطة و حراس مسلحين على البوابات و في الممرات—و كادر كبير من الجراحين و ممرضين رجال و نساء. آتي هنا بشكل منتظم لان المستشفى تتلقى اسوا الحالات و اقل الحالات التي تتلقى زيارات—فليس هناك من زيارات للمرضى هنا—مدير المستشفى هنا جراح عمليات جيد—في بعض الاحيان يقوم بعدة عمليات بتر او عمليات اخرى في نفس اليوم—البتر و الدم و الموت ليست بالشيء الغريب هنا—سوف ترين مجموعة يلعبون الورق في نهاية الغرفة.

اقوم بزيارة المرضى كل يوم او كل مساء—في بعض الاحيان ابقى طوال الليل في مناسبات خاصة. اعتقد لم يفتني سوى يومين في الاشهر الستة الماضية. من المهم جدا زيارة المستشفيات. مقدار المرض و الفقر و الجروح و الشباب الذين يموتون كله مرعبا. غالبا ما اشعر بالضياع و العجز و كل ما يفعله هو نقطة في بحر—القليل الذي يفعله لا يهم. اعتقد اني ذكرت في رسالتي لدكتور راسل بأني احاول نشر شيئا ما حتى لو كان قليلا، و امنحه للجميع. عندما اقوم بزيارة جناح اتجول بين المرضى بسرعة اقوم بعدها بتخصيص الوقت للحالات التي تحتاج انتباه خاص مني. الشخص الاكثر خبرة مني قد يجد في اي جناح و في اي وقت مريض او اكثر يرتجفون من الاصابة و يمكن ان يرى ازمة المصابين و ان الشفاء قد لا يتحقق و حتى الموت غير مؤكد. سوف اعترف لك، سيدتي، بأنه قد يكون لدي الغريزة و القدرة على مساعدة هذه الحالات. مساكين هؤلاء الشباب، كم منهم قد رأيت و عرفت—وكيف محزنا ان اراهم هكذا—لكن علي ان ابقى هادئا و فرحا و عدم الكشف عن حقيقة حالتهم الصحية و لابد ان نتوقف معهم و الكشف عن مزاجهم الشعوري—فعل اي شيء لهم—و تغذيت عاطفيتهم—اعطائهم ما يمكن ان يشربوهم—محاولة تهدئتهم تقبيلهم و القتال من اجلهم بكل الاسلحة الممكنة. احتاج لان اقول لروحك الانثوية بأن مثل هذا العمل يبارك من يقوم به كما يبارك المريض الراقد على السرير. لم اكن في حياتي سعيدا مثل ما اشعر به الان في اروقة المستشفيات.

الساعة الان الثامنة او التاسعة مساءا—الجو هادئ جدا في الليل—موجود هنا بعض الرجال المرضى—المشهد يثير الفضول—فالجناح يصل الى 120 او 30 قدم—كل سرير فيه ستائر تمنع البعوض—لا يزال كل شيء هادئ—ربما تأوه او صوت الم—في منتصف الجناح الممرضة تجلس على منضدة وقربها مصباح تقرأ—الجدران السطح كل شيء ابيض—الجناح من البداية و النهاية يضيئه مصابيح على وشك ان تنطفئ—اليوم احد مساء—اليوم تواجدت في المستشفى، في اي جزء منذ الساعة الثالثة—من اجل القليل من الرجال المرضى بشدة و يعانون من معدة حساسة او يعانون من اصابات شديدة، قمت بتغذيتهم عشائهم—بعض الخوخ وعليه بعض السكر، بارد و طازج—يحبون ان اجلس قربهم و اقشر لهم الخوخ و ارش عليه السكر (مثل هذه الامور الصغيره قد تعجبك).

اعطيت لثلاثة رجال مبالغ صغيرة من المال—قمت بتوفير بعض العملات النقدية البراقة. كل شيء يجب الاستفادة منه—اعطاء بعض النقود يمكن ان يكسر روتين المستشفى.

Afterword: 

عند قراءة رسالة كتبها شاعر هو ان تتذكر ذلك البحر الذي يصل الحياة بالفن. فإذا كان الشعر هو اللغة بشكل مقتضب، حيث يتم ترشيح الكلمات و العبارات و الجمل و تأطيرها بترتيب موسيقي يتسارع مع دقات القلب، فأن الرسائل التي يكتبها شاعر الذي لا ينظر الى الخلود قد تكشف لنا مصادر سرية لموهبته في الكتابة. وهذا ما يحصل في رسائل ويتمان والتي هي مزيج من العمل و النميمة و الافكار و المعلومات و التأملات. فلقد قدم قصائده للناشرين بشيء من الاستعلاء و طلب المساعدة للحصول على وظيفة (رسالة التوصية التي حصل عليها من رالف والدو ايمرسون الى وزير الخارجية ويليام اج سيوارد هي احد الامثلة) و احتوت على تفاصيل ما سمع و ما رأى. فرسالته الى مارغريت كورتيس يشكرها فيه على هديتها 30 دولار التي يوزعها على الجنود المصابين ليست برسالة شكر عادية، فهو يصف بشيء من التفصيل الحياة في اجنحة المستشفى و يقدم للمحسنة التي ارسلت المال تفصيلا عن كيفية انفاق المال الذي ارسلته و الواقع المرير الذي جلبته الحرب. فرسالته هذه توضح لماذا يعطي الهدايا و يبرر ايضا الانتباه و العناية التي اعطاها للرجال المصابين.

فيقول ويتمان انه لشيء جيد ان نزور المستشفيات و يعني انه شيء جيد ان يستطيع ان يقدم شيئا مفيدا في خضم كل هذه المعاناة. فقدرته على تعيين اولئك الذي سيرحبون بمواساته و هداياه هي اشبه بالغريزة الشعرية—موهبة تعاطف و خبرة يسجلها في كتاباته، و هنا تأتي فوائد اخرى لعنايته بالمرضى وهي اثراء ادب الحرب. "كل شيء يجب الاستفادة منه—اعطاء بعض النقود يكسر الروتين الممل في المستشفى". يمكن للشعر ان يفعل ذلك حيث يجعل التفاصيل الصغيرة تشرق.

كتب روبرت لويل الى إليزابيث بيشوب في صيف 1966 يقول "كنت افكر بويتمان و قدرته على الكتابة بعمر الثلاثينات او الاربعينات و الابيات الشعرية تنهمر لتشكل مئات القصائد في السنه ومع ذلك لديه المساء ليتسكع فيه و يتحدث". مع مجيء عيد ميلاده الخمسين حلم لويل بأخذ عطله طويله بعد ان اصبحت حياته معقدة جدا. لكن لا بد ان ويتمان شعر بالشيء نفسخ خلال الحرب فأيام الاسترخاء اصبحت روتين قلق دمر صحته في النهاية. كلا الشاعرين الذين كسرهم الزمان تمكنوا من تحويل الامهم الى فن.

لم يكن اهتمام ويتمان بالجنود قد لاقى ترحيبا من كل كادر المستشفى. "فهذا ويتمان الرجل الوقح يتحدث بأشياء شريرة لمرضانا" كما كتبت احد الممرضات لزوجها. ومثل هذا الشعور كان موجودا في بعض الاجنحة الاخرى مما جعل الشاعر نورمان دوبي يكتب "عملت في اجنحة المستشفيات لسنوات و لا استطيع تحمل الافراد الذين يحتقرون ممارسات ويتمان التمريضية في المستشفى على انها اباحية. فافضل الممارسات التمريضية التي مارستها النساء قد اسسها اله الجنس". وكتب ويتمان لمارغريت كورتيس بأن هذا العمل باركه كما بارك المصابين وانه لم يشعر بسعادة مثلما شعر بها في اروقة المستشفى. فهناك طرق اسوأ بكثير لقضاء المساء بدلا من الاهتمام بشخص يتألم.

—EF

Question: 

قارن رسالة ويتمان الى المتبرعة مارغريت كورتيس مع نداءات اخيرة لجمع التبرعات تلقيتها من المنظمات الخيرية او من خلال اعلان لعمل خيري رأيته في التلفزيون. ما هي نقط التشابه و الاختلاف؟

اجب عن السؤال في مربع التعليق ادناه او على صفحة ويتمان في الفيسبوك.