Section-51, Song of Myself

Foreword: 

يتضمن هذا المقطع التماس ويتمان للقارئ لكي يبدأ بالاستجابة نحو ما اقترحه الشاعر—من اجل البدء بالمناقشة و التحدث، و اعادة تشكيل القصيدة حتى. من اجمل الابيات التي كتبها ويتمان موجودة في هذا المقطع، مثلا عندما يتخيل "الماضي و الحاضر" كنباتات ذابلة كانت حية و حساسة لكنها اصبحت الان ذابلة دون ان يكون لها حضور او أي اشارة للحياة. اللحظة الحالية تأخذ من كلمة "الان" الماضي و الحاضر من اجل فتح "نافذة اخرى على المستقبل" التي اصبحت اللحظة الحالية التي تظهر باستمرار. في قصيدة اخرى، بعنوان "كشف ما تم طيه"، يتخيل ويتمان بأن كل الحياة هي سلسلة من انكشاف الاسرار كلما انكشفت حياة او هوية جديدة من بين طيات امرأة. كل لحظة جديدة هي ولادة جديدة و عالم جديد من اللحظة الآنية تنكشف امام استيقاظ الاحاسيس في تلك اللحظة. ونحن نقرأ كتاب ويتمان، ندرك ما تنطوي عليه الصفحات و نحن نقرأ كل صفحة و نطويها لقراءة الصفحة التالية، فأننا نقوم بتمثيل عميلة القراءة المستمرة للحظات الحاضرة الجديدة و الافكار الجديدة و مواجهات جديدة و مقاطع جديدة من القصيدة و التي تنكشف مع كل قراءة. و هكذا يذكرنا ويتمان بعلاقتنا بالكتاب و هو يتعجب "ايها المنصت في الأعالي!" كما لو ان الشاعر الذي يتجسد الان في الحبر و الورق، يتحدث معنا من خارج الصفحة و ينظر لنا ونحن ننحني باتجاه الكتاب. نحن ننظر الى وجه الشاعر من خلال النظر الى وجه الصفحة ذاتها. الشاعر، كما يذكرنا ويتمان، بأنه قد انحل جسده كجسد بشري و بدلا من ذلك اصبح متجسدا في صفحات الكتاب. لقد اصبح القراء، نحن، هم من يملكون الاجساد و بالتالي يكونون قادرين على رؤية و الاستماع لتلك الكلمات على الصفحة التي بدوننا سوف تكون مجرد حبرا صامتا واوراقا ميتة. ونحن ننظر قدما نحو المقطع الاخير من القصيدة (بقي لنا مقطع واحد فقط قبل النهاية) ندرك بأن الشاعر سوف يبقى "لدقيقة واحدة فحسب". فهو سوف يستاف هبوط المساء، وهي صورة جميلة اخرى توحي بنهاية يوم طويل قضيناه في قراءة "اغنية نفسي"، حيث يصل القارئ الى نهاية القصيدة مع تقدم السماء الى الليل، و ينطفئ الضوء مثل الشمعة المنتهية تدريجيا. و بانتظاره عند الباب ، منتظرا أي شخص يمكن ان ينضم اليه، يقدم ويتمان دعوة بسيطة و فعالة: "من يريد السير معي؟" فهو يشجعنا على التحدث طالما نحن قادرين على ذلك. اكثر ابيات ويتمان جدلية تظهر في هذا المقطع: "أ تراني اناقض نفسي؟\ حسنا، انني اناقض نفسي،\ (انا واسع، اضم الخضم الواسع" وهنا يقدم ويتمان احد الافكار الاساسية للمفكر رالف والدو ايمرسون: "من حماقات الحياة هو تضخم العقول الصغيرة التي يعشقها رجال الدولة و الفلاسفة و الالهة.... تحدث الان بما تفكر واستخدم اشد عباراتك و تحدث غدا بما ستفكر فيه غدا و بأشد العبارات مرة اخرى، حتى لو كان يناقض كل شيء قلته اليوم... من اجل ان تكون عظيما، لا بد وان يساء فهمك". بالنسبة لويتمان، كما قد رأينا فان الذات متسمرة في التطور و التوسع و الخبرات الجديدة سوف توسع مداركنا و تتحدى ما كانت هذه الذات تؤمن به مسبقا. علينا ان نتعلم لان نكون ممتنين لوصولنا الى التناقضات و نطور احساسنا بالذات التي تنفتح و تدرك بشكل كافي من اجل "التحدث ضد" (وهو جذر كلمة "تناقض") الذات التي كانت موجودة البارحة. وكما اوضحت "اغنية نفسي"، ان الذات التي لا تتغير لا تملك هوية، ميتة امام المثيرات التي تريد تحويلها والتي تنبثق من العالم الواسع حولنا، المثيرات التي تتضمن كلمات هذه القصيدة.

—EF

الماضي والحاضر مستنفدان
لقد ملأتهما وأفرغتهما
انني ماضٍ لأملأ نصيبي من المستقبل .
أيها المنصت في الأعالي
ماذا تريد أن تبلّغني ؟
حدقٍّ في وجهي وأنا أستاف هبوط المساء
(تحدثْ بصراحة ، فلا أحد يسمعك)
(وسأبقى دقيقةً واحدةً ، حسب)
أتراني أناقض نفسي ؟
حسناً ، انني أناقض نفسي
(أنا واسعٌ ، أضمُّ الخضمّ الواسع)
أركّزُ على الأقربين ، منتظراً عند الباب
من أتمّ عمل يومه ؟
من سيكون الأسرع الى طعامه ؟
من يريد السير معي ؟
ألا تتحدّث قبل أن أسير ؟
لماذا لاتبرهن أنّك متأخر جداً ؟
 
يذوي الحاضرُ والماضي - لقد ملأتهما، ثمّ أفرغتهما،
وها أنا أمضي لأملأَ نسختي القادمة من المستقبل.
أيها المنصتُ هناك، ما الذي تريدُ أن تسرّه لي؟
انظر في وجهي وأنا أطفأُ ذؤابةَ المساء،
(تحدّث بصراحة، لا أحدَ آخرَ يسمعك،
وأنا لن أمكث أكثر من دقيقة أخرى.)
أتراني أناقضُ نفسي؟
حسنٌ، إذن، إني أناقضُ نفسي،
(أنا شاسعٌ، وأتّسع لكلّ الخليقة)
 
أصبو إلى أولئك الذين أوشكوا على الانتهاء،
وأنتظرُ خلف عتبة الباب.
من أنهى عملَ يومه؟ من سيكون الأسرعَ
في تناول عشائه؟ من يرغب بالمشي معي؟
هلاّ قلتَ شيئاً قبل أن أمضي؟
أم أنك ستبرهنُ أنّ الأوان قد فات؟
Afterword: 

اصبح الهواء باردا و اصفرت الاوراق على اشجار البلوط. احد اصدقائي اراني مرة ورقة لشجرة القيقب اوردتها محمرة م الجذر كما لو كان احمرار الخجل على وجه انسان و قال لي: "اذا لم تستطع كتابة قصيدة في الخريف ، اذا انت لست بشاعر". انه فصل التناقضات: الرونق البرتقالي لليقطين في مجموعة سيقان ذابلة؛ ومزارع يزرع حنطة الشتاء؛ و سلة من براعم ورود التوليب جاهزة للزراعة. انه الموت و تجدد الحياة: هذه هي الابواب المزدوجة التي نمر من خلالها مرة تلو الاخرى. تبدأ "اغنية نفسي" بإعلان الشاعر للمساواة حتى عند مستوى الذرات التي تكوننا، و تعهد الشاعر بأن يتحدث مهما كانت الخطورة و هو يحضرنا للرحلة التي تدعمها طاقة الطبيعة و التي سوف تحملنا بعيدا عن ما نتعلمه في المدراس. و نحن نقترب من نهاية رحلتنا، يدعونا ويتمان الى السير معه الى كل التناقضات في العالم الواسع—انها رحلة الخيال الديمقراطي. كيف يمكننا المساواة بين فكرتين—التناقض يكون سببا للتسامي (كما يقول سايمون ويل) و كيف يمكن جعل الفرد يؤدي ما تؤديه الجماعات؟ كلاهما على حق: كما يقول ويتمان: الذات تملك تناقضا متلازما معها، مثل الديمقراطية، لأنها تتشكل مثل من الاحلام و الافكار و المشاعر التي يملكها أي شخص على قيد الحياة، اجسادنا وارواحنا هي مجمع من الرجال و النساء و الصيادين و جامعي الطعام و العبيد و اسياد العبيد، الذكي و القاسي و الحي والميت، جميعهم يحاولون لفت انتباهنا. اصواتهم—المتناقضة و الملهمة و المدفونة بعمق في مخيلتنا لدرجة انها تبقى مكبوتة—يمكن ان تكون مصدرا للمعني المتسامي على شرط اننا نطيع افضل ملائكتنا. حذر الشاعر البولندي تشيسلاف ميلوش بان "يتمنوا\الارواح الطيبة و ليس الشريرة، تختارنا أدوات لها". أي الم تثيره تلك الاصوات فينا! يخبرني قلبي بأن اقوم بهذا بينما عقلي يخبرني شيء اخر، و هكذا هي القصيدة. من اجل مواجهة الموت، على الشاعر ان يجد شكلا واسعا بما يكفي ليجسد تناقض الحياة ذاتها: منذ لحظة الولادة تبدأ رحلتنا نحو الموت. هذه الحقيقة المذهلة بالنسبة لويتمان هي شكل من اشكال الاحتفاظ بالمعرفة—وهي نعمة منحت له مؤخرا من خلال التنازل الروحي. يقول الشاعر الامريكي أي ار امونز في قصيدته الشهيرة "كورسونز انليت" "المدى يضلل قبضتي ليس هناك من نهاية لرؤياي\ لدرجة اني لم اكتشف أي شيء بشكل كامل\ ونزهتي الجديدة غدا هي نزهة جديدة بالفعل". هل تمضون معي في نزهة الان؟ هنا اضواء المدينة التي تمشينا فيها لأول مرة و هنا النهر التي ابحرت فيه الزوارق و ها انت هنا بأبهى حلتك.

—CM

Question: 

"الا تتحدث قبل ان اسير؟ لماذا لا تبرهن انك متأخر جدا؟" اسئلة ويتمان هنا ملحة جدا ومع ذلك نعرف بأن الشاعر لن يتركنا و يذهب عندما تنتهي القصيدة، فنحن قادرين على فتح الكتاب مرة اخرى و قرأتها مرة تلو الاخرى حسب ما نرغب. ماذا يقصد ويتمان عندما يقول "متأخر جدا" في ردودنا عن القصيدة؟